الأربعاء، 1 يونيو 2011

حـــكــــايــات جــد تـــي

أتذكر حكايات جدتي التي كنت أستمتع بها منذ حداثة سـنـي

كانت حكاية جدتي غريبة في ذلك المساء البعيد .. الذي لازلت أذكره ..

حيث كانت السماء مرصعة بالنجوم.. في ليلة صيفية هادئه.. وهي تعتدل جالسةعلي كرسيها المزركش الأنيق بحجرة نومها .. كان كرسي جميل .. يشبه الأريكة في راحته والصالون في فخامته ( فوتيه ) .. له طراز فرنس عتيق

كانت ترتشف فنجاناً من الشاي .. تعدل من منديل رأسـها وتسوي هندامها قائله :

كما أن هناك حزن أو فرح بالنسبة للبشر .. يوجد أيضاً حزن وفرح بين الحيوانات !!
فاستفسرت من جدتي : إن الحيوانات لاتمتلك عقل الإنسان وإمكاناته لتفكر به وتكتشف الصواب من الخطأ .. فكيف ذلك ياجدتي ؟؟

شردت جدتي للحظات .. ثم تكلمت بصوتها الهادئ المتماوج.. وكأنه صوت يأتي من دنيا الأحلام قائلة :

كل الكائنات تتأثر وتحس .. فتموت حزناً لو لم تجد الحب والاهتمام من أهل المكان الذي تعيش فيه.. قاطعتها بلهفة .. نعم تذكرت ياجدتي فأزهار حديقة بيتنا إن لم نـهتم بها وننسقها تموت


هنا ابتسمت جدتي وأعطتني قالب الشيكولاتة التي اعتادت إعطائي إياه عندما أجيبها علي سؤال أو أعي ماتقوله بسهوله

وبدأت حكايتها عن أخيها شهيد حرب 73.. بكل فخر واعتزاز .. حينها كانت المرة الأولي التي أسمع فيها هذه الكلمة .. لم أكن أعلم ما معني كلمة شهيد فوضحت لي


.. وهنا سردت حكايتها الغريبة وهــي : أن كل روح من أرواح الشهداء يتبعها غـــراب
يزورها ويودها ..فكل غراب يذهب إلي مقبرة صاحبه صباحاً ويغادرها ليلاً .. فهو يؤنس وحدته ويعز غربته !!!!

سكتت جدتي لبرهة .. فقلت مؤكدة لها .. إنه طير مزعج ياجدتي .. شكله قبيح .. لذلك يصاحب الأموات

عاتبتني جدتي بنظرة كأنها تقول لي لا تتعجلي بأحكامك .. قــائــلــه:

لماذا حكمتي عليه متسرعة من شكله ولم تقدري ما يفعله .. لماذا لم تلتفي إلي أنه طير يتسم بالوفاء ؟؟ .. يجب أت تتأني ياصغيرتي فبل أن تحكمي علي الأشياء

فــكــل كــائن يملك قدرة مــا بالإعتماد علي غريزته فيتحرك وفقاً لها ويعـبـر عنها .. حتي ولو كان بأقل الأشياء.. فالأفــعــال هــي مــن تعــبــر عــن نــفــس صاحــبــها

وكان ذلك من أهم الدروس التي تعلمتها من جدتي .. أن أتمعن وأفكر ملياً قبل الحكم علي الأشياء

وإلي الآن .. لا أعلم أكانت حـكـايـة جـدتـي حــقــيــقــة أم مجرد خـــيــال .. فبحثت كثيراً لأعلم حقيقتها  .. ولكن مهما كانت النتيجة سأظل أحتفظ بهذه الذكري العطرة .. رحمك الله  ياجدتي وأسكنك فسيح جناته


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


يسعدني مشاركتكم .. وتعليقاتكم

like